يعتبر تحقيق الاستقرار في المجتمع أهم الاهداف للنظام القانوني فحاجة المجتمع الى الاستقرار لا تقل بأي حال عن حاجته الى النظام والامن والعدل فهو فاتحة كل حضارة وأساس تقدمه وذلك لان المجتمع المستقر أقدر على النمو والتقدم من المجتمع الذي تسوده الفوضى والاضطراب وعدم الاستقرار وانقطاع الاستقرار الحقيقي للحقوق والمراكز القانونية هو الذي يكون مبنيا على تمكن الافراد من المطالبة بهذه الحقوق والمراكز والدفاع عنها واتخاذ الاجراءات اللازمة للمحافظة عليها وتنفيذ الواجبات والاعباء الاجرائية الملقاة على عاتقهم في المواعيد المحددة قانونا فاذا حدثت بعض الظروف او الوقائع او الاحداث التي تحول بين الاشخاص وبين المطالبة بحقوقهم ومراكزهم القانونية فانه لا يمكن القول بوجوب تحقيق الاستقرار وعدم الاعتداد بهذه الظروف والوقائع، ولكن قد تطرأ على الدعوى ظروف تحول دون انعقاد الخصومة القضائية او تحول بين الخصم وبين حضور جلساتها او متابعة اجراءاتها ولم ينص المشرع العراقي على مصطلح القوة القاهرة في قانون المرافعات المدنية وانما استخدم مصطلح انقطاع المرافعة باعتباره من الاحوال الطارئة على الدعوى فالحالات التي اوردها المشرع العراقي ما هي الا تطبيقات للقوة القاهرة اوردها المشرع العراقي على سبيل الحصر مع الاخذ بنظر الاعتبار ان القوة القاهرة تكون على نوعين خاصة حيث تكون مقتصرة على الخصم وحده وعامة تشمل الخصوم واطراف الدعوى والغير على حد سواء والقوة القاهرة هي امر غير متوقع حصوله وغير ممكن تلافيه يجبر الشخص على الاخلال بالالتزام كالحرب بما ينجم عنها من احداث مادية وازمات اقتصادية او انتشار وباء مثل جائحة كورونا حيث اعتبر انتشار هذا الوباء قوة قاهرة عامة اذ انها شملت جميع الناس وفي كافة ارجاء البلاد وان شروط القوة القاهرة هي ان تكون الواقعة غير ممكنة التوقع ويستحيل دفعها وان تكون مستقلة عن ارادة الخصم وان تجعل الواقعة مباشرة الخصم للعمل الاجرائي مستحيلا وهي تختلف عن الظروف الطارئة حيث ان القوة القاهرة قد تكون عامة وقد تكون خاصة اما الظروف الطارئة فتكون عامة دائما وكذلك الاختلاف من حيث الاثر اذ ان الاثر المترتب على تحقق القوة القاهرة هو انتفاء المسؤولية المدنية في اطار القانون المدني ووقف المدد القانونية وبطلان الاجراءات في اطار قانون المرافعات المدنية في حين ان الاثر المترتب على تحقق الظروف الطارئة هو انقاص التزام المدين المرهق الى الحد المعقول والمقبول وقد نصت المادة (211) من القانون المدني العراقي على انه (اذا اثبت الشخص ان الضرر قد نشا عن سبب اجنبي لا يد له فيه كآفة سماوية او حادث فجائي او قوة قاهرة او فعل الغير او خطا المتضرر كان غير ملزم بالضمان مالم يوجد نص او اتفاق على غير ذلك).
وقد اعتبرت محكمة التمييز الاتحادية انتشار فايروس كورونا قوة قاهرة اذ اصدرت الهيئة العامة في محكمة التمييز الاتحادية قرارها المرقم 14/الهيئة العامة / 2020 المتضمن : (...ومن مصاديق القوة القاهرة انتشار وتفشي وباء فايروس كورونا في جميع العالم ومنها العراق وقد اقترن ذلك بعدم وجود لقاح او دواء مخصص له مما احدث حالة من الرعب والخوف والهلع وقد حتم ذلك على دول العالم ومنها العراق اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية للحد من انتشاره وواحدة من هذه التدابير فرض الحظر الشامل حيث يعتبر فرض الحظر الشامل وما نتج عنه من ايقاف الدوام الرسمي في العالم نتيجة انتشار فايروس كورونا قوة قاهرة ومن الاثار التي ترتبت عليها وقف المدد القانونية ومنها مدة الطعن في الاحكام والقرارات ومنها الطعن التمييزي).