من مسلمات القول إن القضاء العراقي يعد أقدم مؤسسة دستورية عرفتها المجتمعات البشرية في العالم استنادا للتشريعات القديمة التي أثبتت ذلك ومنها شريعة الملك البابلي حمورابي، ولذا تكمن اهمية المؤسسة القضائية، بتاريخها العريق، وحاضرها المشرق، ومستقبلها المتألق، الذي تتطلع اليه الاجيال، جيلا بعد جيل، لكبح جماح الباطل وإحقاق الحق وإرساء مبادئ العدل والإنصاف وحقوق الانسان.
وعلى اساس ما تقدم اختط مجلس القضاء الاعلى نهجا واضحا في ترسيخ مبدأ حماية مؤسسات الدولة والمجتمع بمكوناته وأكد على حماية الأقليات من التعسف والاستغلال بلا تمييز لصيانة ارواحهم وأعراضهم وأموالهم وممتلكاتهم، بعدها مصالح واجبة الحماية، وبغية الحد من حالات التلاعب والتزوير بالطرق غير المشروعة بممتلكاتهم، ولاسيما عقارات ابناء الطوائف المسيحية والايزيدية والصابئة المندائيين، اصدر المجلس اعمامه بالعدد 587 / مكتب / 2017 في 26 / 7 / 2017 اذ تضمن بموجب الفقرة (1) منه انه : (على محاكم البداءة ومحاكم الاستئناف بصفتها الاصلية ادخال ديوان اوقاف الديانات المسيحية والايزيدية والصابئة المندائيين شخصا ثالثا لغرض الاستيضاح، في الدعاوى المدنية التي تقام على المسيحيين وأصحاب الديانات الاخرى من الاقليات المتعلقة بأموالهم وممتلكاتهم المنقولة او العقارية حفاظا على تلك الممتلكات وللحيلولة دون استغلال ظروفهم من قبل ضعاف النفوس )، كما نصت الفقرة (2) منه على انه : ( على ديوان اوقاف الديانات المسيحية والايزيدية والصابئة المندائيين في حال ورود معلومات عن غصب عقار او الاستيلاء على عقارات المسيحيين وأصحاب الديانات الاخرى من الاقليات خلافا لأحكام القانون اخبار الاجهزة الامنية المختصة ورئاسة الادعاء العام الواقع العقار ضمن منطقتها بذلك، لاتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة ومتابعتها والتأكيد على كافة المحاكم بضرورة اشعار دائرة المدعي العام ضمن الاختصاص المكاني لعملها بغية حضور السيد نائب المدعي العام في الدعاوى المقامة على المسيحيين وأصحاب الديانات الاخرى من الاقليات المتعلقة بممتلكاتهم المنقولة والعقارية لمراقبة مشروعية الاجراءات المتخذة فيها وخاصة صحة التبليغ والوكالات لحماية حقوق الاقليات وممتلكاتهم وأموالهم المنقولة والعقارية من ضعاف النفوس الذين يحاولون استغلال فرصة عدم تواجد المالكين في المنطقة الموجود العقار فيها او تهجيرهم او هجرتهم لأي سبب الى منطقة اخرى او خارج العراق مراعاة للظروف الاستثنائية والتهديدات الامنية التي يمر بها البلد بسبب عصابات ( داعش ) الارهابية واتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة بغية تحقيق تلك الحماية).
ولاستكمال تلك الحماية والتأكيد عليها، وجه المجلس ان الاعمام انف الذكر ينطبق على املاك طائفة الصابئة المندائيين، بموجب اعمامه بالعدد 919 / مكتب / 2020 في 14 / 12/ 2020، وبذلك اصبحت الحماية شاملة لأملاك ابناء الطوائف المسيحية والايزيدية والصابئة المندائيين، على حد سواء، ايمانا من المجلس بان النسيج الوطني يكتمل بجميع مكونات المجتمع العراقي، لبناء عراق مزدهر يسوده الامن والاستقرار، الامر الذي يقتضي تفعيل محاكم الاستئناف الاتحادية كافة والمحاكم التابعة لها لمضمون الاعمامين المذكورين انفا، تحقيقا للمصلحة العامة.