يعرف العنف الإرهابي بأنه : السلوك الإجرامي الإرهابي الذي يترتب عليه خطر أو ضرر إرهابي يلحق بالأشخاص أو الأموال، ويتصف العنف بالإرهاب إذا بلغ درجة من الجسامة أدت إلى تحقيق غاية معينة يقصدها الإرهابي بسلوكه الإجرامي، بحيث تكون تلك الجسامة من الشدة التي من شأنها إخراج العنف من نطاق التجريم العام لجرائم العنف ليندرج في إطار التجريم الخاص بجرائم الإرهاب، إذا كان من شأنه نشر الخوف والرعب والفزع بين الناس، وهي الغاية التي يبتغيها الإرهابي بسلوكه، ومع ذلك يبقى مصطلح العنف مرتبطاً أصلاً بالجرائم الإرهابية، كما أنّ الإرهاب يقترن بمفهوم العنف ويعدّ إشارة إليه، فغالباً لا تقع الجريمة الإرهابية بغير العنف، ويتجسد شكله المباشر بإلقاء المتفجرات وتفجير المركبات والأحزمة الناسفة والعبوات الناسفة واللاصقة، ويمثل شكله غير المباشر في جمع المتفجرات والأسلحة والأعتدة والأموال والمؤن وتقديمها للإرهابيين في سبيل استخدامها لارتكاب الجريمة.
و يكون العنف فكرا تطرفيا فاسدا، وهو أقصى معاني العنف وأكثرها قسوة، وأوضح مظاهره، ويقصد به ذلك العنف الذي يخدم أيدلوجية ما تسلطية استبدادية منحرفة أو النابع من عقيدة معينة فاسدة ، كما لو كان العنف دينياً فاسدا متطرفا بلا إيمان، يحمل بين ثناياه الانحراف والانحدار الاخلاقي معا، الامر الذي يفقد الدين معناه الإنساني الصحيح ورسالته السماوية السامية، ولذا قيل (الإرهاب لا دين له)، ولكن لا يعني ذلك أنّ العنف هو العنصر المميّز للسلوك الإجرامي الإرهابي في الجريمة الإرهابية لإمكانية ارتكابها من دونهِ، كتسميم مياه الشرب أو نشر الغازات السامة والمواد الكيماوية والجرثومية والمواد المشعّة والأوبئة وغيرها، وهذا يعني أنّ الجريمة الإرهابية تتميّز بالغاية المستهدفة منها هي نشر الخوف والرعب والفزع بين الناس، وبذلك لا يمكن اعتبار كل عنف (إرهابا) , وإنّما من الممكن اعتبار الجريمة الإرهابية صورة من صور جرائم العنف، ولذا نستنتج أنّ العنف في الجرائم العادية يختلف عن العنف في الجرائم الإرهابية من خلال ما يأتي:
1- من الممكن أن يقع العنف في الجرائم العادية عن طريق الإهمال أو الترك والامتناع، أمّا في الجرائم الإرهابية فلا يقع العنف إلا عن طريق العمد وبسلوك إجرامي إيجابي.
2- في جرائم العنف العادية توجد علاقة مباشرة أو غير مباشرة بين الجاني والمجنى عليه، في حين تنعدم هذه العلاقة غالباً في الجرائم الإرهابية التي تقع بارتكاب السلوك الإجرامي العنيف، كونها توجه إلى كل من كان حاضراً مسرح الجريمة من الأبرياء.
3- يهدف العنف في الجرائم العادية إلى تحقيق نتيجة معينه بعينها، في حين يهدف العنف في الجرائم الإرهابية إلى تحقيق هدف قريب هو النتيجة المترتبة على العنف من دمار أو تخريب أو هدم أو إتلاف أو قتل، وهدف بعيد يتمثل بالغاية الإرهابية.
وتميل أغلب القوانين العقابية المقارنة في سياستها الجزائية عند معالجة الجريمة الإرهابية إلى اعتبار العنف الإرهابي جوهر التجريم على أساس أنّ العنف الإرهابي ظاهرة ذات شكل إجرامي خاص.
ولم يشترط المشرّع العراقي في قانون مكافحة الإرهاب درجة معينة في العنف عند استخدامه كسلوك إجرامي إرهابي، بل اكتفى بأدنى درجاته وأبسط وأخف صوره، متى كان من شأنها تحقيق الغايات الإرهابية، بخلاف المشرّع الفرنسي الذي اشترط الجسامة في العنف الذي تتحقق به الجريمة الإرهابية، وتكمن غاية المشرع العراقي من ذلك ، مواجهة العنف الارهابي بمختلف درجاته وصوره، ولعل الحادث الارهابي الجبان الذي استهدف ساحة الطيران في بغداد، الذي راح ضحيته كوكبة من الشهداء الابرياء، يمثل صورة من صور جرائم العنف الارهابي، الامر الذي يتطلب منعها والحد من انتشارها، المواجهة الحازمة والسريعة من الأجهزة الامنية المختصة، واتخاذ الاحتياطات والإجراءات اللازمة للحيلولة دون تكراراها، من خلال الكشف السريع عن الجناة من الارهابيين ومن يقف ورائهم وبالأدلة الدامغة، تنفيذا لتوجيهات مجلس القضاء الاعلى، حتى تتمكن الجهات القضائية المختصة من تطبيق حكم القانون بحقهم، لينالوا جزاءهم العادل، انصافا لدماء الشهداء الزكية التي أريقت بلا سبب سوى انتمائهم لوطنهم العراق.