يذهب البعض إلى تعريف الجريمة الاقتصادية بأنها "كل عمل أو امتناع يقع بالمخالفة للقواعد المقررة لتنظيم أو حماية السياسة الاقتصادية إذا نص على تجريمه في قانون العقوبات أو في القوانين الخاصة". أما البعض الآخر فيرى أن الجريمة الاقتصادية هي مباشرة نشاط معين، سواء تمثل في تصرف اقتصادي أو سلوك مادي بالمخالفة للتنظيمات والأحكام القانونية الصادرة كوسيلة لتحقيق سياسة الدولة الاقتصادية.
والواقع أن متطلبات الامر أدت إلى تطور فكرة الجريمة الاقتصادية بجميع فروعها ومكوناتها وبتوسيع مجالها الجنائي وهذا هو ما يتضح من تعريف محكمة النقض الفرنسية للجريمة الاقتصادية من أنها كل ما يتعلق بالإنتاج وتوزيع واستهلاك وتداول السلع والخدمات، وكذلك ما يتعلق بوسائل الصرف، ويدخل فيها بصفة خاصة وسائل صرف النقود بمختلف أشكالها، والتي تتضمن اعتداء مباشرا على اقتصاد الدولة فارتكاب الجريمة الاقتصادية يتضمن عصيانا لأوامر المشرع الذي يستهدف من ورائها تحقيق مصلحة المجتمع وتعددت صور الجرائم الاقتصادية المتمثلة في جرائم الاعتداء على المال العام، وجرائم التهرب الضريبي والجمركي والرشوة والنصب والاحتيال والغش التجاري، ثم جرائم الملكية الفكرية وتلوث البيئة، وجرائم البورصات وسوق المال والمخدرات وغسل الأموال، ثم جرائم الاحتكار والمنافسة غير المشروعة.
والجرائم الاقتصادية الأخرى التي تمثل انتهاكاً للسياسات الاقتصادية ومن الملاحظ ان اسباب السلوك الاجرامي في الجرائم الاقتصادية لا يمكن ارجاعها الى الظروف الاجتماعية المتعلقة بالفقر كما هو الحال في الجرائم العادية مع ملاحظة انه هناك علاقة مباشرة بين الجرائم الاقتصادية والنظام الاقتصادي فهي تختلف بالنسبة للنظام الاشتراكي عن الرأسمالي.
إن الأثر الرادع للعقوبة الجنائية يعد عاملا هاما في مكافحة الجرائم بصفة عامة بما فيها الجرائم الاقتصادية البنكية والجرائم الناجمة عن النمو الاقتصادي، فمن المسلم به أن التهديد بالعقوبة يصرف الكثيرين عن السلوك الإجرامي، كما أن توقيعها يحول دون عودة من وقعت عليه لارتكابها مرة أخرى، لذلك تتجه التشريعات على اختلاف نظمها إلى تشديد العقوبة الاقتصادية وقد اورد المشرع العراقي الكثير من العقوبات الجزائية بحق مرتكبي الجرائم الاقتصادية في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل وكذلك في قانون تنظيم التجارة العراقي رقم ۲۰ لسنة ۱۹۷۰ وذلك لمكافحة هذه الجريمة الخطيرة التي تؤثر بشكل مباشر على اقتصاد الدولة وتشل حركة التنمية وتؤثر سلبا على الناحية الاجتماعية من خلال زيادة نسبة الفقر في المجتمع مما أصبح ضروريا ان تكون هناك معالجات جذرية لهذه الجريمة عبر استخدام اساليب متطورة في الحد من هذه الظاهرة عبر مراقبة رؤوس الاموال ومسارات انتقالها بين الاشخاص والمؤسسات والدول وتشريع قوانين خاصة تنظم التجارة والمصارف بما يخدم حركة الاقتصاد والتنمية في الدولة وهكذا ازدادت أهمية القوانين والنصوص الاقتصادية الهادفة إلى حماية الاقتصادات الوطنية.